السبت, نوفمبر 23, 2024
14.9 C
Tunisia
السبت, نوفمبر 23, 2024

أجواء متعفنة في الإذاعة الوطنية

يتواصل الوضع المشحون داخل مؤسسة الإذاعة التونسية التي لم تنجح في إتباع المسار الإصلاحي المنشود خارج منظومة الفساد التي تحركها أطراف داخلية أحكمت التغلغل في مفاصل إدارتها بدعم من بعض الأحزاب الحاكمة بعد الثورة وسعت بكل ثقلها في خلق لوبي إداري تمكن من العبث بها وطمس ملفات الفساد داخلها وتعميق عجزها.
بعد حراك 25 جويلية 2021 تعلقت الآمال بتحقيق إصلاحات جذرية تعيد للإذاعة بريقها وتعطي الأمل لأبناءها في وضع مهني محترم وظروف عمل ملائمة… وقد تم تعيين شكري الشنيتي، خريج المدرسة الوطنية للإدارة الذي لم تكن له الدراية الكافية بمجال الإعلام وخصوصياته… وهو ماساعد هذه القوى الداعمة للفساد من السيطرة على المؤسسة بكل فروعها أكثر فاكثر واستأثرت لنفسها بصلاحيات هامة وصلت الى حد التعيينات والتصرف في الصفقات العمومية حسب مصالحها الخاصة ومنح الحوافز والسيارات الإدارية ووصولات الوقود… إضافة الى إسناد الأعدادالمهنية والتصرف في التسميات والنقل الداخلية حسب الولاءات..
فترة الفراغ الإداري على رأس المؤسسة التي دامت أشهرا بعد قرار إقالة المكلف بالتسيير آنذاك شكري الشنيتي من قبل رئيس الجمهورية يوم 14 فيفري 2022 كانت كفيلة بمزيد تعميق الوضعية والتلاعب بمقدرات المؤسسة دون حسيب أو رقيب وساهمت في التخريب الممنهج لمرفق إعلامي عمومي عريق من أقدم المؤسسات الاعلامية في العالم العربي .
ومع تعيين مكلف جديد بتسييرها سفيان بنعيسى وهو صحفي رئيس من أبنائها في 31 ماي 2022، حاول هذا الأخير في معالجة أبرز الملفات التي حامت حولها شبهات فساد.. وتم توجيه عدد منها إلى النيابة العمومية بعد إعلام سلطة الإشراف وهياكل الرقابة بها مع التعاطي.. مع بقية الملفات إداريا وفق التراتيب والإجراءات المعمول بها ( مجالس تأديب للمخالفين، عقد لجان متابعة الصفقات العمومية، دعوة هيئة الرقابة الإدارية والمالية للتفقد في نوفمبر 2022 ..) كما هو مثبت في محاضر مجالس ادارة المؤسسة .
لكن و بإنهاء تكليف سفيان بنعيسى كمسير وقتي للمؤسسة في 1 جوان 2023 وتعيين رئيس مديرعام هندة بن علية الغريبي صحفي مخبر، تغيرت الأوضاع وتم على ما يبدو التراجع عن هذا المسار الإصلاحي. وتجلى ذالك من خلال عدة مؤشرات بارزة خصوصا وأن الرئيسة المديرة العامة الجديدة سعت منذ توليها إلى تصفية حساباتها مع زميلها المكلف بالتسيير السابق وهرسلته إداريا والتنكيل به مع إصرارها على رفض كل قراراته الإدارية والتأديبية المتخذة سابقا في هذه الملفات ومراجعتها وإلغائها بالكامل بطريقة عكسية الى حد مطالبتها على مايبدو أعضاء مجلس الإدارة بالسماح لها بإعادة فتح ملفات بها شبهات فساد.. كما عينت مدير إذاعة جهوية متهم على ما يبدو بشبهة إختلاس بطاقة تزود بالوقود تخص الإدارة العامة وإستعمالها بطريقة غير شرعية..
و المؤسف أن قرارات الرئيسة المديرة العامة الجديدة وردود فعل أنصار المكلف السابق قسمت أبناء الإذاعة وتسببت في حرب كتل تجاوزت أسوارها حيث أصبحت التجاوزات وسياسة التعامل حسب الولاءات و الإتهامات والإتهامات المضادة من مواضيع الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي.. و هو ما ينذر بزيادة توتر الأجواء المهنية المشحونة حاليا..
هذا دون الخوض في المسائل المالية للمؤسسة التي تشهد صعوبات كبرى لضمان موازاناتها.
فهل سيفهم أبناء الدار أن حروبهم أصبحت تهدد تمثل خطرا كبيرا على مؤسستهم؟

Liberta
[td_block_12 limit="2"]