أعلنت إدارة قاعة Ciné Jamil El Menzah 6 يوم 27 أكتوبر 2025، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، عن إغلاق أبوابها نهائيا، لتطوى بذلك صفحة من تاريخ السينما في العاصمة التونسية. جاء في البيان: «صفحة تُطوى محمّلة بالمشاعر والذكريات… شكرا لجمهورنا الوفي، لأصدقائنا في السينما والثقافة. Ciné Jamil رحل، لكنّ روحه ستستمرّ في التألّق في قلب من أحبّها.»
هذا الإعلان كان كفيلا بإشعال موجة من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي. عبّر مئات التونسيين عن حزنهم وحنينهم لتلك القاعة التي مثّلت، على مدى عقود، فضاء للقاءات، للنقاشات، ولذكريات لا تُنسى، خاصّةً لدى جيل التسعينات الذي ربط اسم “Ciné Jamil” بأيام الدراسة والخروج الجماعي في عطلة نهاية الأسبوع. أحد المعلقين كتب: «هذي كانت أول سينما مشيتلها في حياتي، ما نجمش نصدق إنها باش تسكّر.»
وراء هذا المشهد العاطفي، تكمن أزمة أعمق يعيشها قطاع قاعات السينما في تونس. فحسب تقارير ثقافية حديثة، لم يبق في البلاد سوى نحو 34 قاعة سينما ناشطة، موزعة على سبع ولايات فقط، فيما تفتقر 17 ولاية إلى أي قاعة عرض سينمائي. في السبعينيات، كانت تونس تحتضن أكثر من مائة قاعة، قبل أن تتراجع الأعداد بشكل حاد بسبب الإهمال، ضعف الصيانة، وتغيّر عادات الترفيه.
في المقابل، تشهد الساحة صعود المجمعات الحديثة التي تحتكر أغلب العروض الجديدة، في وقت تغيب فيه استراتيجيات دعم حقيقية للقاعات المستقلة أو الجهوية. هذه الهيمنة التجارية تطرح تساؤلات حول مستقبل التجربة السينمائية كفعل ثقافي جماعي، لا كمجرّد نشاط ترفيهي فاخر.
إغلاق Ciné Jamil إذن ليس مجرد نهاية لقاعـة عرض، بل علامة أخرى على أفول مرحلة كاملة من الحياة الثقافية في تونس. قاعة أطفأت أنوارها، لكنّ شغف السينما ما زال يضيء قلوب من مرّوا من هناك يوما.



