نظم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، يوم الخميس 17 جويلية 2025، بمقر المنظمة بالعاصمة ورشة عمل حول “تعزيز الوعي بالبصمة المائية في المؤسسة، وتقييم تأثيرها، والنقاش حول سبل اعتماد حلول عملية”، وذلك بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور (KAS)، وبحضور عدد من صاحبات وأصحاب المؤسسات، وممثلي الإدارات المركزية بالوزارات المعنية، إلى جانب خبراء في التنمية المستدامة ومسؤولين من الاتحاد.
وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، أكد السيد عبد السلام الواد، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد، أن هذا اللقاء يندرج في إطار التزام الاتحاد بالتحديات البيئية والاقتصادية الراهنة، خاصة في ما يتعلق بإدارة الموارد المائية، مشددًا على أن البصمة المائية، وفق المواصفة الدولية ISO 14046، لم تعد مجرد أداة قياس بل أصبحت آلية إستراتيجية لتقييم الأثر البيئي للمؤسسات، وتحديد المخاطر، والانخراط في مسار التحسين المستمر.
وحذر السيد عبد السلام الواد في كلمته من خطورة الوضع المائي في تونس، مشيرًا إلى تصنيف البلاد ضمن الدول التي تعاني من إجهاد مائي حادّ، حيث لا يتجاوز نصيب الفرد 400 متر مكعب سنويًا، وهو رقم أدنى بكثير من عتبة الندرة المطلقة المحددة بـ500 م³.
وأرجع هذا الوضع إلى عدة عوامل متراكمة، من أبرزها تغير المناخ والنمو السكاني والاقتصادي وضعف نجاعة الإدارة القطاعية للموارد المائية.
وفي هذا السياق، شدد على أن المؤسسات الصناعية مدعوة للعب دور مركزي في التحول البيئي، باعتبارها مستهلكًا مباشرًا وغير مباشر للمياه، ما يجعل منها طرفًا فاعلًا في مواجهة الأزمة.
وأوضح السيد عبد السلام الواد أن اعتماد المؤسسات على منهجية “البصمة المائية” يمثل خطوة استباقية ومسؤولة، تمكّنها من تحسين صورتها أمام الشركاء والممولين والتكيف مع المعايير الدولية والتخفيض من التكاليف وتحسين نجاعة العمليات وفتح آفاق جديدة للتصدير والتنافسية.
مؤكدا أن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يضع هذا التمشي ضمن أولوياته، من خلال التوعية والتكوين وربط الشبكات، وتثمين التجارب الناجحة في المجال البيئي، واقتناعه بأن الأداء البيئي والأداء الاقتصادي ليسا متناقضين، بل أصبحا شرطًا أساسيًا للبقاء والنجاح في الأسواق العالمية.
وفي سبيل دعم هذا التحول البيئي في المؤسسات، قدّم السيد عبد السلام الواد خلال الندوة مجموعة من المقترحات العملية للاتحاد، من بينها تكوين ومرافقة المؤسسات، وخاصة الصغرى والمتوسطة، في أدوات تقييم الأثر البيئي مثل تحليل دورة الحياة (ACV) والمواصفة ISO 14046، وإحداث قاعدة بيانات قطاعية حول استهلاك المياه والبصمات المرجعية تساعد المؤسسات على التموقع والمقارنة، وإدماج معايير البصمة المائية في السياسات العمومية لدعم الاستثمار والابتكار الأخضر، وتطوير آليات تحفيز وعلامات بيئية لفائدة المؤسسات التي تبرهن على التزام فعلي بتقليص بصمتها البيئية.
في ختام كلمته، أطلق السيد عبد السلام الواد دعوة صريحة للمؤسسات التونسية بجميع أحجامها وقطاعاتها، لاعتماد إدارة المياه كمحور استراتيجي ضمن خططها المستقبلية، مؤكدًا التزام الاتحاد بمرافقة المؤسسات في هذا المسار، بالإنصات والتأطير والدعم، ومجددا التأكيد على طموح الاتحاد بجعل الالتزام البيئي ركيزة أساسية من ركائز تنافسية القطاع الخاص التونسي.
في مداخلتها خلال الورشة، تناولت السيدة أمل جراد، المستشارة في الإدارة البيئية والتغير المناخي والتنمية المستدامة، موضوع البصمة المائية في المؤسسات من خلال شرح مفصل للمواصفة الدولية ISO 14046 الخاصة بإدارة البصمة المائية، وأبرزت أهمية فهم وتقييم أثر استهلاك المياه في المؤسسات كخطوة أساسية نحو اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق أداء بيئي معترف به.
كما أكدت على ضرورة إدماج هذه المقاربة في الاستراتيجيات الاقتصادية للمؤسسات بهدف تعزيز القدرة التنافسية والمساهمة في الانتقال البيئي، واعتبرت الورشة فرصة فريدة للتوعية والحث على الالتزام بخطوات عملية في إدارة المياه بشكل مستدام.
وشهدت الجلسة نقاشًا حول أهمية التحول إلى إدارة مستدامة للمياه، حيث طرح ممثلو المؤسسات جملة من التحديات المرتبطة بهذا الملف، مما يؤكد الحاجة إلى أدوات وتقنيات مرافقة، بالإضافة إلى سياسات تحفيزية تساعد على تبني هذه المقاربة البيئية.