بمناسبة الذكرى 78 لإعلان البانتشاسيلا (المبادئ الخمسة المتلاحمة) التي تأسست عليها جمهورية إندونيسيا غداة استقلالها سنة 1945 نظمت سفارة هذا البلد الشقيق في تونس ندوة تحت شعار” طريق التقدم والتعايش والإنسانية والسلام العالمي” للحديث عن هذه المبادئ التي مثلت أساس وفلسفة ودستور إندونيسيا و سار على هديها الشعب الاندونيسي منذ ذالك العهد.
وأشرف على هذه الندوة السفير الإندونيسي بتونس السيد ” زهير مصراوي ” الذي نجح في وقت وجيز في إرساء مفهوم جديد لديبلوماسية التعاون وتبادل المنافع والمصالح في كنف الاحترام والدعم.
وحضر هذه الندوة جملة من المثقفين والديبلوماسيين من أصدقاء إندونيسيا بتونس يتقدمهم العميد أحمد ونيس إلى جانب عدد كبير من أفراد الجالية الإندونسية المكونة بالأساس من طلبة جامعة الزيتونة. وذكر السفير ” زهير مصراوي ” في كلمته الإفتتاحية أنه إبان الإستقلال سنة 1945 تكونت لجنة لوضع أسس للدولة المقبلة. وظهرت الخلافات بين القوى الإسلامية والوطنية ـ كما يقال عنهم ـ حول أساس الدولة هل هو الإسلام أم اللائكية؟ . ولتجنب ما من شأنه أن يقسم بلاده التي كانت مؤهلة طبيعيا و جغرافيا للانقسام و الفرقة بما أنها مكونة بالأساس من مجموعات دينية وعرقية ولغوية مختلفة تعيش على أرخبيل شاسع للغاية يمتد على 17508 جزيرة بحث سوكارنو (وهو أول رئيس لإندونيسيا بعد الإستقلال) عمّا يمكن أن يجمع الإندونيسيين على مختلف مشاربهم. وصاغ بالتالي ما بات يعرف باسم ” البانتشاسيلا ” لتكون أساس وفلسفة وعقيدة ودستور الدولة الناشئة التي تجمع الإندونيسيين وتوحّدهم مهما كانت اختلافاتهم.
و جاءت المبادئ الخمسة كالآتي
-الإيمان بالله
-إنسانية عادلة ومتحضرة
- وحدة إندونيسيا
- الديمقراطية
-العدالة الإجتماعية.
وسارت إندونيسيا على مبادئ البانتشاسيلا التي حققت معجزتها فتحول هذا البلد الذي يبلغ سكانه حوالي 275 مليون شخص وهو ما يجعله رابع أكبر دولة من حيث عدد السكان إلى ثالث أكبر ديمقراطية في العالم وازدهر اقتصاده ليصل للعشرة الأوائل عالميا من حيث الناتج المحلي الإجمالي و من حيث القوة الشرائية . وتطورت الفلاحة والعلوم والخدمات والسياحة بشكل لافت في هذا البلد. ورغم أن أرخبيل إندونيسيا هو أكثر منطقة في العالم عُرضة للزلازل لأنه يقع ضمن حزام النار في المحيط الهادئ وهي حلقة نشطة زلزاليا وبركانيا فإن هذا البلد بات يمثل وجهة سياحية فريدة بفضل جزره الساحرة وطبيعته الخلابة وشعبه الكريم المضياف…
وقد نوه جميع الحاضرين من ديبلوماسيين وصحافيين بتجربة النهضة الإندونيسية وتمنوا أن تنسج تونس على منوالها خصوصا أن مبادئ البانتشاسيلا هي مبادئ كونية يمكن اعتمادها في تونس وتصديرها حتى للعالم لما فيه مصلحة الإنسان في أي مكان.
ودعا الحاضرون إلى ضرورة تطوير العلاقات والمبادلات التجارية مع إندونيسيا التي يمكن أن تمثّل سوقا هامة لتصدير المنتجات التونسية على غرار الفسفاط و زيت الزيتون والتمور وغلال البحر… و تمت الدعوة إلى ضرورة تكثيف الزيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين و تساءل البعض لماذا لم يقم أي رئيس تونسي بزيارة إندونيسيا منذ الاستقلال في حين أن الرئيس سوكارنو زار تونس سنة 1960؟.
وتمت الدعوة من ناحية أخرى إلى ضرورة إلغاء التأشيرة بين البلدين لتسهيل حركة المسافرين خاصة أن تونس تمثل وجهة مفضلة للكثير من السياح الإندونيسيين المولعين بمعالمها الثقافية والدينية.
وقد اختتمت هذه الندوة في أجواء تفاؤلية حول مستقبل العلاقات التونسية- الإندونيسية المرشحة للتطور أكثر من أي وقت مضى نتيجة بحث تونس عن شركاء جدد وكذلك نتيجة الحركية التي أدخلها السفير زهير مصراوي على الديبلوماسية الإقتصادية بين البلدين.