“فلسطين حرة من النهر إلى البحر” كلمات تردد صداها في أرجاء مسرح الحمامات في تقديم عرض
الفنانة الفلسطينية ناي البرغوثي ضمن برمجة مهرجان الحمامات الدولي.
حضرت “فلسطين” في كل تفاصيل العرض، في رايتها الخفاقة في المدارج، في الكوفيات، في التطريز
الذي يزين فستان الفنانة ناي البرغوثي وخاصة في صوتها المحمل بوجع بلدها وبالأمل في تحرره.
“أمسيتنا للحزن والأمل” بهذه الكلمات وصفت الفنانة عرضها الذي قالت إنه جولة من المشاعر
المختلطة والأنماط المختلفة، ومحطات يجمعها حبها الكبير لشعبها الفلسطيني وخاصة أهل غزة، أطفالها
ونسائها ورجالها.
ناي البرغوثي التي تستثمر الموسيقى للتعبير عن نفسها فنيا وإنسانيا، اختارت أن تخصص جزءا من
عائدات جولتها الموسيقية في تونس لدعم مشاريع الإغاثة الإنسانية في غزة.
ولم تخف البرغوثي سعادتها بوجودها في تونس للمرة الأولى في عرض خاص وبنفاذ تذاكر عرضها
الذي تقدمه أمام مدارج مكتملة العدد، عرض استهلته بأغنية “زهرة المدائن” لفيروز.
“القدس زهرة المدائن، مدينة ميلادي ومدينة قلوبنا جميعا”، قالت ناي البرغوثي بعد أن غنت فرحلت
معها العيون إلى مسقط رأسها وعانقت الكنائس القديمة ومسحت الحزن عن المساجد وجابت أروقة
المعابد.
من الفولكلور الفلسطيني غنت “ناي” “يما مويل الهوى”، وكان لها من اسمها نصيب إذ يحاكي صوتها
المميز الشجن العالق في ثنايا آلة الناي وتضاهي التقنية التي طورتها رهافته في مغازلة العُرَب المعقدة.
في العرض الذي يحيي فلسطين المقاومة من أجل الحياة رغم آلة الموت الصهيونية، راوحت المغنية
والملحنة وعازفة الفلوت ناي البرغوثي بين الفلكلور الفلسطيني وإنتاجاتها الخاصة بمصاحبة عازفين
على البيانو والغيتار باص والقانون والدرامز.
“فكر بغيرك” أغنية من تلحينها وكلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وصدح صوتها “وأنت تعد
فطورك فكر بغيرك.. لا تنس قوت الحمام” وفي الخلفية تسلل صوت درويش ورفرفت حمامة في
مسرح الحمامات.
لأم كلثوم والشيخ إمام وسيد درويش والأخوين الرحباني غنت الفنانة التي شقت لنفسها طريقا في منزلة
بين بين الطرب العربي وموسيقى الجاز، زادها صوت متعدد الطبقات شاسع المساحات وناي تنفث فيه
هواجسها وأحلامها.
الأحداث التي تعيش على وقعها غزة منذ أشهر لم تغب عن العرض، حيث أهدت ناي البرغوثي أغنيتها
“بدري علينا” من ألحانها وكلمات الشاعر الفلسطيني نادر جلال للطفلة الشهيدة “هند” وكل الأطفال
الشهداء.
والأغنية من منظور طفولي يتغنى بالأرض والسماء والشمس ويرجع زوال الاحتلال، غنتها ناي
البرغوثي وتسربت منها أصوات أطفال تردد “بدري علينا” لتذكرنا بالتراجيديا التي عاشتها الطفلة
“هند” قبل أن تستشهد محاطة بالجثث.
للأسرى الفلسطينيين الذين يحلمون بمغادرة سجون الاحتلال ولللاجئين الذين يحلمون بالعودة إلى
فلسطين، غنت بصوتها المفعم بالأمل “راجعين” من ألحانها وكلمات الشاعر عمر حليحل.
وفي مقطوعة “لونجا حجاز كار كرد” تبدت قدرة ناي البرغوثي على تطويع صوتها ومحاكاة الآلة
الموسيقية إلى جانب تمكنها من التجول بين الطبقات الموسيقية ومجاراة عزف الموسيقيين المرافقين لها.
“أنتم أحلى كورال” هكذا وصفت ناي البرغوثي جمهورها في مهرجان الحمامات الدولي وغنت بطلب
منه “آه يا حلو”.