شارك السيد سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يوم الأربعاء 11 جوان 2025 بجنيف في الدورة 113 من مؤتمر العمل الدولي.
وتوجه رئيس الاتحاد في كلمة له خلال فعاليات المؤتمر بالشكر للسيد Gilbert Houngbo المدير العام لمنظمة العمل الدولية على التقرير الّذي عرضه للنقاش في الجلسة العامة، والمتعلق بربط العلاقة بين التشغيل والحقوق والنمو الاقتصادي، وكذلك على تقريره الخاص حول وضع عمال الأراضي العربية المحتلة.
وأكد رئيس الاتحاد أن هذا التقرير، ولسنتين متتاليتين، أسس لنقاش معمق وتفكير جماعي في خصوص العقد الاجتماعي الجديد الذي يقود العلاقات المهنية ويُرسي مقاربة التنمية البشرية على قاعدة التقدم الاقتصادي والرقي الاجتماعي، مضيفا أن هذا المسار التشاوري تدعم بأرضية عملية للفكر والفعل والحوار، وهي “مبادرة التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية” الّتي نالت استحسان ودعم عدد كبير من منظمات أصحاب العمل إيمانا منهم بأنّ الفعل الاقتصادي هو أساسُ تحسين حياة البشر، يكون الإنسان منطلقه وغايته.
وأوضح السيد سمير ماجول أن التقرير طرح مسائل عدّة تتعلّق بالبعد الاجتماعي للتنمية الاقتصادية وبأهمية اعتماد مبادئ العدل والمساواة والإدماج في التجارة العالمية وفي عمليات الانتقال ذات البعد التكنولوجي والطاقي والبيئي، وطارحا مقاربات جديدة تتجاوز ولاية منظمة العمل الدولية وتمسّ النظام المُؤسسي والمعياري للعلاقات الدولية وللنظام المالي والمبادلات التجارية على المستوى العالمي.
وأعرب رئيس الاتحاد عن ارتياحه لتأسيس المقاربة العامة للعدالة الاجتماعية، سواء في التقرير أو ضمن مبادرة التحالف، على مبدأ يعتبر التطور الاقتصادي الأساس الذي يُبنى عليه مسار الفعل الاجتماعي، مبينا أن هذا التمشي يعكس وعيًا بأن النمو الاقتصادي يمثل المموّل الرئيسي لزيادة الدخل وتحسين مؤشرات التنمية البشرية وتعزيز آليات الحماية الاجتماعية، وأن هذه المبادئ كانت مغيبة لفترة طويلة عن النظرة التقليدية للمجال الاجتماعي، وهو ما أعاق الحوار الاجتماعي، ووتّر العلاقات المهنية، وأبطأ من وتيرة تطوير منوال العمل اللائق والمنتج.
كما أعرب رئيس الاتحاد عن تطلّعه لأن تضطلع منظمة العمل الدولية، إلى جانب الشركاء الاجتماعيين، بدور الراعي للتوازن والتلازم بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي، والمدافع عن ضرورة ترسيخ العلاقة بين النمو والتشغيل والحقوق. كما دعا إلى أن تتحمل المنظمة، باعتبارها ثلاثية التركيبة وصاحبة تجربة ميدانية ثرية، مسؤولية قيادة مسار التغيير وريادة الإصلاح خلال القمة الاجتماعية العالمية القادمة، مع متابعة تنفيذ مخرجاتها.
وجدّد السيد سمير ماجول التأكيد، استنادًا إلى ما تم طرحه في الدورة السابقة ضمن نقاش تجديد العقد الاجتماعي، على أن النظام الاقتصادي العالمي ومسار التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية يجب أن يُبنى على أساس منظومة دولية أكثر إنسانية، تُدار بقوة الأخلاق والمسؤولية، وليس فقط بوسائل وآليات القوة.
وفي ما يتعلّق بدور القطاع الخاص، شدّد رئيس الاتحاد على أهميته المحورية ومكانته المركزية في تحقيق ازدهار الشعوب وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والوئام الأهلي، سواء من خلال تأمين المنتجات الأساسية والخدمات الحيوية، أو عبر خلق مواطن الشغل وتعزيز الاندماج الاقتصادي وتحقيق القيمة المضافة. لكنه في المقابل، أشار إلى أن أغلب مكوّنات هذا القطاع تتكوّن من مؤسسات صغرى ومتوسطة لا يمكن تحميلها ما يفوق طاقتها، ولا يجوز التعامل معها بنفس منطق التعامل مع كبرى الشركات متعددة الجنسيات أو المؤسسات العمومية المدعومة من الدولة. واعتبر أن دعم مكانة القطاع الخاص داخل مثلث الوظائف والحقوق والنمو يتطلب توفير مناخ إنتاجي ملائم وإطار تشريعي مناسب يضمن ديمومة المؤسسات ويعزز أسس حوار اجتماعي مسؤول وواقعي.
وفي سياق متّصل، أشار رئيس الاتحاد إلى الوضع الإنساني الخطير في قطاع غزة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني، منذ أكثر من عشرين شهرًا، لاعتداءات ممنهجة من قبل كيان الاحتلال، وسط عجز الهيئات الدولية عن تجاوز الحد الأدنى من التدخل المتمثل في إيصال المساعدات الإنسانية وتوجيه الدعوات إلى وقف القصف والانتهاكات بحق المدنيين.
وفي ختام كلمته، رحّب السيد سمير ماجول بتصويت المؤتمر على منح دولة فلسطين عضوية مميزة بمنظمة العمل الدولية، معربًا عن الأمل في أن يشكل هذا القرار منطلقًا لتكريس السلم وتحقيق الاستقرار الضروريين للنهوض بأوضاع المؤجرين والأجراء الفلسطينيين، مؤكدًا أنه لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية أو عدالة اجتماعية في ظل الاحتلال والانتهاكات المستمرة.