تشهد مراكز النداء في تونس حالة من القلق والترقّب بعد إعلان فرنسا عن قانون جديد يمنع المكالمات الإشهارية أو التسويقية غير المرخّص بها ابتداء من 11 أوت 2026، وهو قرار من شأنه أن يوجّه ضربة قوية لقطاع الخدمات الخارجيّة في شمال إفريقيا، وخاصة في تونس والمغرب، حيث يعتمد عدد كبير من المؤسسات على السوق الفرنسي كمصدر رئيسي للعقود.
وينصّ القانون الفرنسي الجديد على ضرورة الحصول على موافقة صريحة من المستهلك قبل إجراء أي اتصال تجاري أو ترويجي، مع فرض غرامات مالية تصل إلى 500 ألف يورو وعقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات في حال مخالفة الإجراءات، خصوصا إذا كانت الممارسات تستهدف الفئات الهشّة أو كبار السن.
بالنسبة لتونس، يُعتبر هذا القانون تحدّ اقتصادي حقيقي، إذ يشغّل قطاع مراكز النداء والخدمات الموجّهة نحو الخارج آلاف الشباب من أصحاب الكفاءات المتقنة للّغة الفرنسية. وتتعامل عشرات الشركات التونسية يوميا مع مؤسسات فرنسية في مجالات التسويق الهاتفي، وخدمة الحرفاء، والدراسات الميدانية.
ويرى خبراء تونسيون أن هذه الخطوة قد تدفع الشركات الفرنسية إلى تخفيف حجم أنشطتها أو تحويلها نحو أسواق أخرى، مما قد يؤثر مباشرة على نسب التشغيل في تونس. ويؤكد بعض المتخصّصين أنّ البلاد مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتنويع شركائها الاقتصاديين والتوجّه نحو أسواق جديدة، مثل إفريقيا جنوب الصحراء والدول العربية، مع الاستثمار في التحوّل الرقمي والتكنولوجيات الحديثة لتحسين تنافسية الخدمات.
القانون الفرنسي الجديد يعكس من جهة رغبة باريس في حماية المستهلكين من الإزعاج الهاتفي، لكنه من جهة أخرى يسلّط الضوء على هشاشة نموذج الأوفشورينغ التونسي القائم على الطلب الفرنسي. وبين متطلبات الامتثال للقوانين الأوروبية وضرورة حماية مواطن الشغل، يبدو أن على تونس أن تسرّع في إعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي قبل دخول القانون حيّز التنفيذ.



