انطلقت منذ الأسبوع الفارط احتجاجات عمال شركة البيئة و الغراسات و البستنة بقبلي حيث عمدوا يوم الخميس الفارط الى نصب خيام في الطريق الوطنية رقم 16 الرابطة بين ولايتي قبلي و قابس لمنع دخول و خروج الشاحنات المخصصة لنقل المحروقات .
و تجدر الإشارة ان عمال الشركة قاموا بنصب خيمة أولى على مستوى طريق الفوار و رجيم معتوق لمنع دخول و خروج شاحنات نقل المحروقات على الحدود الغربية بما فيها شاحنات الشركة التونسية للتنقيب على النفط التي تنشط هناك .
و يأتي هذا الاحتجاج على خلفية عدم خلاص أجور 4 اشهر متخلدة بذمة الشركة إضافة للمطالبة بضمان ديمومة الشركة .
و حسب مصادر مطلعة فان غلق الطريق من طرف عمال شركة البيئة و الغراسات و البستنة شمل شاحنات المحروقات دون سواها حيث يمكن للمواطنين العاديين استعمال الطرقات المذكورة بنسق طبيعي .
الشركات المتضررة اليوم هي بالدرجة الأولى المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية و “هذه الشركة بالتحديد على راس قائمة الشركات التونسية التي تعاني من مديونية كبيرة منذ مدة” و ايضا الشركة التونسية للتنقيب على النفط و الشركات البترولية الخاصة المنتصبة بالجهة .
احتجاجات من هذا النوع تكلف خسائر مادية تناهز 350 الف دولار من العملة الصعبة يوميا وهو رقم جد ملفت في ظل وضع جد صعب للاقتصاد التونسي و دعوات متكررة لتسهيل عمل الشركات و المستثمرين بهدف السيطرة على الازمة.
صارت شركات البيئة و الغراسات و البستنة التي اعتمدتها الحكومات السابقة كحلول ظرفية ترقيعية للحد من البطالة و لامتصاص الغضب الشعبي منذ 2011، حجر عثرة أمام السلطات التي وجدت نفسها أمام ضرورة مراجعة ما يسمى بـ”الوظائف الوهمية” ومعالجة هذا الملف الثقيل و المتشعب خاصة مع تزايد المطلبية و كثرة الاحتجاجات التي اضعفت الاقتصاد الوطني .
و كان الخبير في مجال الطاقة ووزير الطاقة الأسبق خالد بن قدور قد صرح في وقت سابق لجريدة العرب ان “الدولة قامت بخلق ما يزيد عن 20 ألف وظيفة وهمية لوقف التحركات الاجتماعية المطالبة بالعمل في الشركات البترولية والمجمع الكيميائي عبر بعث شركات بستنة”.
ورغم ان رئاسة الحكومة كانت قد أصدرت بلاغا في وقت سابق نشرته على صفحتها على موقع الفيسبوك، تحدثت عن عقد جلسة “تطرقت إلى سبل تطوير نشاط هذه الشركات عبر وضع برامج وآليات عملية من شأنها خلق الثروة وانصهارها في الدورة الاقتصادية”، مشيرة إلى أنه “تم الاتفاق على رزنامة جلسات لمتابعة مكوّنات هذه البرامج ونشاط هذه الشركات لتحقيق الأهداف المرجوة “.
وضعيات اجتماعية و شغلية استنزفت الخزينة العامة للدولة دون نشاط اقتصادي يذكر و تسببت في اضعاف دعامة من دعامات الاقتصاد الوطني الا وهي الشركات البترولية و هذا ما ينذر بعزوف هذه الشركات عن العمل و مغادرتها البلاد .و هنا الخسارة الكبرى للجهات التي تنتصب فيها مثل هذه الشركات على وجه التحديد و لسمعة تونس وتوازناتها المالية عموما .
فهل أصبحت الدولة تضخ أموالا لشركات البستنة ليعرقل العاملون فيها الشركات الساعية لخلق الثروة و دفع عجلة الاقتصاد و التنمية بالبلاد ؟ .