رنّ صدى تونس، اليوم الأحد 13 أفريل، في “يوميشيما”، الجزيرة الصناعية اليابانية، على
أرض أوساكا التي تحتضن العالم على امتداد ستة أشهر ضمن فعاليات التظاهرة الكونية
“إكسبو 2025 أوساكا – كان9ساي”، حيث افتتحت تونس رسميًا، جناحها الوطني في هذا
الحدث العالمي الذي يلتئم تحت شعار ” تصميم مجتمع المستقبل، من أجل حياتنا “، والذي
من المنتظر أن يستقطب ما يناهز 30 مليون زائر.
كان افتتاح الجناح الوطني التونسي، الذي يجسّد شعار «الشراكة في الابتكار والعلوم
والتكنولوجيا – PIST»، مناسبة رمزية واستثنائية حضرها كلّ من سعادة سفير
الجمهورية التونسية بطوكيو السيّد أحمد الشفرة، والمندوب العام لتونس في إكسبو 2025،
الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات السيّد مراد بن حسين، ومديرة الجناح
السيّدة سيرين الكنزاري، والمهندس المعماري للمشروع السيّد مراد زغلامي والمهندسة
المعمارية التونسية المقيمة باليابان السيّدة مريم الشايب، إلى جانب عدد من الشخصيّات
رفيعة المستوى، من بينها سعادة سفير فلسطين باليابان وسعادة سفير قطر باليابان وعدد من
المندوبين العامين للدول المشاركة، على غرار صربيا وإيطاليا وإسبانيا، الذين لبّوا دعوة
تونس لاكتشاف هذا الفضاء الذي اختزل، في هندسته وروحه، رسالة بلد متجذّر في التاريخ
ومتطلّع إلى المستقبل.
وسط أجواء من الإعجاب والانبهار، كشف الجناح التونسي، الذي يحمل عنوان “رنين”
Résonnance ، عن تصميم معماري فريد يمزج بين البعد الفني والتجربة الحسيّة.
وتوافد على الجناح، خلال الساعات الأولى من اليوم الافتتاحي، آلاف الزوار اليابانيّين ومن
جنسيّات أخرى إفريقية وآسياوية وأوروبية ومن أمريكا اللاتينية، بالاضافة إلى جمع من
أفراد الجالية التونسيّة باليابان وزوّار تونسيّين جاؤوا خصيصا لليابان لاكتشاف إكسبو
2025 وزيارة الجناح التونسي.
واجهته دعوة مفتوحة للعالم، تنسج خيوط النقاء من عبير الياسمين، رمز الضيافة،
وتُرصّعها فسيفساء أصيلة، تحفظ في حناياها حكايا قرونٍ خلت، تنطق باسم أرضٍ لا
تنضب. ويقف هذا المشهد على قاعدةٍ من قرمزيٍّ مشتعل، يزاوج بين ألوان تونس واليابان،
في تناغمٍ دافئ يوحّد روحين من مشرق الأرض ومغربها، في انسجامٍ يتجاوز الزمان
والمكان.
أبدعت تونس بكفاءاتها في تقديم صورة تختزل الهويّة والعمق والرؤية ضمن أربع محطّات
تأخذ الزائر في رحلة غامرة عبر الزمان والمكان. فتنطلق الرحلة من فضاء “الصدى”-
Echo حيث تستعيد الذاكرة أنفاسها وتنبض الأقنعة القرطاجيّة من جديد، عبر عروض
هولوغرامية آسرة تتماهى فيها الصور مع الماء كعنصر بيئي حكيم، وإنذار صامت
بضرورة المصالحة مع الطبيعة.
ثم يمضي الزائر إلى فضاء ” المسار “- Elan، عبر ممرّ صحراوي تتناثر فيه صناديق
مضيئة تسرد حكايات بصرية شفافة، تنبع من عمق الرمال وتغمر الأفق بنجوم تُرشد
العابرين وتوقظ فيهم دهشة البدايات.
في فضاء ” اليقظة”- Eveil، تنبثق تونس المعاصرة بكل ما تحمله من مشاريع تكنولوجيّة
وابتكارات تعكس التزامها بقيم الاستدامة، والتضامن، والإبداع، في فسحة تنبض بالحياة
وتؤكد على أن المستقبل يُصنع الآن.
ويبلغ المسار ذروته في الفضاء الرابع والأخير “الجوهر” – Essence، القلب النابض
للجناح، حيث ينتصب مجسّم حنبعل شامخاً، منحوتاً على واجهة بلورية برونزيّة شفافة، إلى
جانب شجرة زيتون وارفة، تجسّدها فسيفساء حيكت بأنامل تونسيّة، قطعةً قطعةً، وتمتدّ
على طول وعرض الفضاء، في مشهد بصري آسر يحيط بالزائر ويغمره بروح الأصالة
والفن التونسي العريق، وفي عمل دقيق يجعل الصورة تنبض بالحياة والإبداع.
تتعطّر الأجواء بشذى الياسمين وتصدح من حولها أنغام تونسيّة دافئة تعبّر عن وطن لا
يزال يصنع الفارق بحضوره وصوته ووجدانه. وهناك أيضاً، يكتشف زائر الجناح الوطني
التونسي الصناعات التقليدية التي نسجت بخيوطها جسوراً بين الفن والوظيفة، وبين الذاكرة
واليوم.
وفي الفضاء نفسه، تجذب الأنظار مائدةٌ (“الميدة” باللهجة التونسيّة) فخمةٌ مصنوعة من
خشب الزيتون، بألواح سميكة تعبّر عن صلابة الأرض ودفء الضيافة، وتدعوك للجلوس
والتأمّل في جمال التفاصيل وروح الأصالة.
ويتم، داخل هذا الفضاء الجميل، تقديم مجموعة من الأطباق التقليديّة التونسيّة المحضّرة
بزيت الزيتون، في مزج أنيق بين التراث الغذائي والإبداع المعاصر، حتّّى تكون دعوة
مفتوحة لتذوّق نكهات تونس الأصيلة في قالب عالمي راقٍ، وفرصة فريدة للترويج لمنتجاتنا
داخل منصّة تختزل المسافات بين الدول والقارّات.
* برنامج تنشيطي ثريّ ومتنوّع في انتظار الزّائرين*
تسعى تونس من خلال مشاركتها في إكسبو 2025 أوساكا إلى تعزيز صورتها الاقتصاديّة
والثقافيّة والسياحيّة، وترسيخ موقعها كوجهة جاذبة للاستثمار والتعاون، مستثمرة هذه
التظاهرة الكونيّة كمنصّة لترسيخ حضورها على السّاحة الدوليّة.
وتتجلّى هذه الرؤية من خلال سلسلة من المحطات، من أبرزها، يوم المرأة في 12 أوت
لتسليط الضوء على دور المرأة التونسيّة ومكانتها في المجتمع ومجالات الأعمال، واليوم
الوطني التونسي المقرّر تنظيمه يوم 13 أوت ، ويُنتظر أن يكون مناسبة استثنائيّة للاحتفاء
بالثقافة التونسيّة وتقديمها بأسلوب معاصر يجمع بين الأصالة والابتكار.
أمّا اليوم الاقتصادي فقد تمّت برمجته في 18 أوت 2025، وهو توقيت مفصلي، قبيل
انعقاد “المؤتمر الدولي لطوكيو حول التنمية في إفريقيا” تيكاد 9 – TICAD 9 باليابان،
ممّا يمنحه بعداً استراتيجياً في تعميق التعاون الثنائي ومتعدّد الأطراف مع اليابان ودول
شرق آسيا.
وستشارك تونس في الأسابيع الموضوعاتيّة للإكسبو -Semaines thématiques،
لتسليط الضوء على مفاهيم ذات صلة بتراثها وخصوصيّاتها التنمويّة، على غرار مبادرة
“قرية واحدة، منتج واحد” (OVOP) التي تعكس حيويّة الاقتصاد المحلي وتفرّده،
وموضوع السياحة الحموية (ONSEN) من خلال الترويج للمحطات الاستشفائية التونسية
ذات الخصائص الطبيعيّة الفريدة.
كما سيخصّص أسبوع، من 29 سبتمبر إلى 11 أكتوبر 2025، للتعريف بتونس كوجهة
ثقافيّة وسياحيّة ومن اامبرمج تنظيم عروض لمختلف المعالم السّياحيّة والثقافي التي تزخر
بها بلادنا.
* تونس في التظاهرات الكونيّة: حضور متجذّر ورسالة متجدّدة*
هي مشاركة تأتي امتداداً لتاريخ طويل من الحضور التونسي في مختلف التظاهرات
الكونيّة، منذ إكسبو لندن سنة 1851، مروراً بباريس وشيكاغو وبروكسيل ومونتريال
وإشبيلية وهانوفر وأيشي وشنغهاي وميلانو وآخرها دبي 2020، حيث كانت تونس، ولا
تزال، تحمل رسالة ثقافيّة واقتصاديّة تختزل غنى الهويّة الوطنيّة وتنوّع روافدها.
تبلغ هذه المشاركات أوج تميّزها في “إكسبو 2025 أوساكا”، حيث لا يُعدّ جناح تونس
مجرّد فضاء للعرض، بل هو دعوة مفتوحة لاكتشاف تونس كما لم تُرَ من قبل: تونس التي
تؤمن بالسّلام، وتحتفي بالحياة، وتراهن على المعرفة والإبداع والتنوّع.
تونس التي لا تنطفئ جذوتها، ولا يتوقّف تطلّعها إلى غدٍ أكثر إشراقًا وازدهارًا.