يحتفل النادي الإفريقي اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 بمرور 105 سنوات على تأسيسه، ليُجدّد بذلك صفحة جديدة من كتاب التاريخ الطويل لهذا الصرح الرياضي العريق الذي لم يكن مجرّد نادٍ لكرة القدم، بل مؤسسة وطنية واجتماعية وثقافية صنعت جزءاً من هوية تونس الرياضية.
تأسس النادي الإفريقي في الرابع من أكتوبر 1920 وسط سياق تاريخي خاص، حين كان الشباب التونسي يبحث عن فضاءات تعكس شخصيته الوطنية في مواجهة سيطرة المستعمر على المجال الرياضي. فجاء “الإفريقي” ليكون أول نادٍ تونسي الهوية، يُمثّل الشعب بألوانه الحمراء والبيضاء، ويجعل من الرياضة وسيلة للمقاومة الثقافية وإثبات الذات.
على امتداد قرن من الزمن، خطّ النادي الإفريقي مسيرة زاخرة بالإنجازات والألقاب. فقد أحرز الفريق 13 لقباً في البطولة الوطنية و13 لقباً في كأس تونس، فضلاً عن التتويج القاري الكبير سنة 1991 بكأس إفريقيا للأندية البطلة، ليكون أول فريق تونسي يرفع هذه الكأس الغالية، ثم تلاه لقب السوبر الإفريقي سنة 1992. وتواصلت إنجازاته في مختلف الرياضات الفردية والجماعية، حيث مثّل النادي مدرسة متكاملة خرّجت أجيالاً من الرياضيين الذين رفعوا راية تونس عالياً.
لكن النادي الإفريقي لم يكن يوماً مجرد قائمة من الكؤوس والميداليات؛ بل كان، قبل كل شيء، نادياً للشعب. “شعب الإفريقي” كما يُلقّب أنصاره، شكّل على مدى عقود السند الحقيقي للفريق، وملأ المدارج بالأهازيج والأعلام، وجعل من حب الأحمر والأبيض أسلوب حياة يتوارثه الأبناء عن الآباء. وقد أثبتت الجماهير مراراً أن وفاءها للفريق لا يهتز مهما كانت الظروف أو التحديات.
اليوم، وفي ذكرى التأسيس الـ105، يعود الحنين إلى الأمجاد الماضية، ويتجدّد الأمل في أن يستعيد النادي مكانته الطبيعية كأحد أعمدة الرياضة التونسية والإفريقية. وفي مختلف جهات البلاد، يعبّر الأحباء عبر مظاهر احتفالية وشعارات على وسائل التواصل الاجتماعي عن فخرهم بانتمائهم لهذا النادي الكبير، مجددين العهد على مواصلة الدعم والالتفاف حوله في الحاضر والمستقبل.
النادي الإفريقي ليس مجرد فريق كرة قدم، بل هو قصة أجيال، ورمز نضال، وحلم يتجدد مع كل موسم. وفي كل 4 أكتوبر، يتوقف الزمن لحظة ليُعلن أن الأحمر والأبيض ليسا مجرد لونين على قميص، بل هما هوية وتاريخ وذاكرة جماعية تواصل النبض جيلاً بعد جيل.