السبت, نوفمبر 23, 2024
13.9 C
Tunisia
السبت, نوفمبر 23, 2024

نمو التجارة العالمية سيتعافى بشكل متواضع في عام 2024

تعكس التجارة الدولية صورة مباشرة لحالة الاقتصاد العالمي، فهي تبيّن مدى إقبال المستهلكين على شراء السلع النهائية، فضلاً عن حاجة الشركات إلى السلع الوسيطة والرأسمالية. وبالتالي، فإن أحجام التجارة تتقلب وفقاً لدورات التوسع والانكماش في الاقتصاد العالمي، وهي تعتبر من المؤشرات المفيدة للغاية لأوضاع الاقتصاد الكلي.

خلال السنوات الخمس الماضية، شهدت التجارة تقلبات ملحوظة. فبعد الانهيار الحاد في أحجام التجارة العالمية في عام 2020 الناتج عن صدمة جائحة كوفيد-19، كان الانتعاش القوي في التجارة خلال عام 2021 عاملاً رئيسياً في التعافي من الجائحة. ومع ذلك، شهد عام 2022 تباطؤاً حاداً في النشاط التجاري وسط بيئة صعبة تتمثل في تصاعد أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم وتزايد الحمائية. وكان نمو التجارة في عام 2023 مخيباً للآمال بدرجة أكبر، حيث تشير أحدث التقديرات الأولية إلى تراجعه بنسبة 0.3%. وخلال الأربعين عاماً الماضية، لم يحدث تراجع في نمو التجارة إلا في عام 2009 نتيجة للأزمة المالية العالمية وفي عام 2020 إبان جائحة كوفيد.

نمو حجم تجارة السلع العالمية 

(%، على أساس سنوي) 

المصادر: صندوق النقد الدولي، قسم الاقتصاد في QNB

وفي رأينا، على الرغم من أن نمو التجارة سيتعافى إلى حوالي 2.8% هذا العام، إلا أن هذا أقل بكثير من المتوسط ​​التاريخي طويل الأجل الذي بلغ 4.6% خلال الفترة 2000-2022. في هذه المقالة، سنتطرق إلى العوامل الدورية والهيكلية التي من شأنها أن تحد من تعافي التجارة إلى مستوى أقل من المتوسط ​​التاريخي.

أولاً، يقترب الركود في قطاع التصنيع العالمي من نهايته، ولكن التعافي منه سيكون محدوداً. فقد ظل نشاط التصنيع ضعيفاً طوال عام 2023. وحدث هذا “الركود التصنيعي” نتيجة لمجموعة من العوامل، منها تحول أنماط الاستهلاك نحو الخدمات بعد فترة الجائحة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتشديد الأوضاع المالية، وتعافي قطاع التصنيع الصيني بشكل أضعف من المتوقع. ولكن هذه الرياح المعاكسة بدأت تتلاشى تدريجياً في الوقت الراهن، وقد وصل انكماش قطاع التصنيع إلى أدنى مستوياته.

ونتوقع أن يتعافى نشاط التصنيع العالمي على خلفية الأوضاع المالية الميسرة، وانخفاض معدلات التضخم، وقوة أداء الاقتصاد العالمي. ولكن هذا التعافي سيكون محدوداً بسبب استمرار ارتفاع المخزونات، حيث سيؤثر السحب من المخزونات على نشاط التصنيع حتى تعود مستويات المخزون إلى طبيعتها. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال المؤشرات الاستشرافية تشير إلى نمو أقل من الاتجاه العام. ولذلك، فإن التعافي في قطاع التصنيع لن يقدم سوى دفعة متواضعة لنمو التجارة العالمية في العام الحالي.

ثانياً، تستمر السياسات الحمائية والحواجز التجارية في التزايد بشكل مطرد على المستوى العالمي. لقد ارتفع عدد القيود التجارية الجديدة في جميع أنحاء العالم من مستويات أقل من 1,000 سنوياً قبل عام 2019 إلى أكثر من 3,000 قيد جديد في عام 2023. ولكن بالإضافة إلى الأشكال التقليدية للقيود، بدأت الحواجز أمام التجارة في اتخاذ شكل جديد.

وتؤدي جهود التخفيف من آثار تغير المناخ إلى زيادة التدابير غير الجمركية التي تنطوي على قيود غير مباشرة جديدة على التجارة. قد تتضمن التدابير غير الجمركية المستندة إلى تغير المناخ شروطاً تتعلق بمعايير الانبعاثات للآلات والمركبات، ولوائح كفاءة الطاقة، ومتطلبات البصمة الكربونية، وما إلى ذلك. وقد حددت الأمم المتحدة 2,366 من التدابير غير الجمركية المتعلقة بالمناخ والتي تنظم تعاملات تجارية بقيمة 6.5 تريليون دولار أمريكي، أو 26.4% من إجمالي التجارة العالمية. ويقدر متوسط تأثير التكلفة الخاص بكل إجراء فني على التصنيع بمقدار 3.4%. مستقبلاً، فإن تراكم الحواجز التجارية واللوائح التجارية الجديدة المرتبطة بتغير المناخ سوف يمثل عقبة أمام توسع التجارة العالمية. 

عدد القيود التجارية
(القيود التجارية الجديدة المفروضة في جميع
أنحاء العالم، سنوياً)

المصادر: صندوق النقد الدولي، مبادرة إشعارات التجارة العالمية، 

قسم الاقتصاد في QNB

ثالثاً، يشير تباطؤ نمو الاستثمار في الأسواق الناشئة إلى وجود رياح معاكسة كبيرة لنمو التجارة العالمية. إن الاستثمار في الأسواق الناشئة يعتمد على الواردات بشكل أكبر من مكونات الطلب الأخرى، وخاصة فيما يتعلق بالتجارة في السلع الرأسمالية. وفي السنوات السابقة، كان النمو القوي للاستثمار مدعوماً بالتوسع الائتماني القوي، وتدفقات رأس المال، والتحسينات في معدلات التجارة، والإصلاحات الرامية إلى تعزيز مناخ الاستثمار. وخلال الفترة 2000-2010، بلغ متوسط نمو الاستثمار في الأسواق الناشئة 9.4%، لكنه انخفض بعد ذلك إلى 4.8% خلال الفترة 2011-2021. وكان هذا التباطؤ واسع النطاق في جميع مناطق الأسواق الناشئة، وقد تم تفسيره بعوامل تشمل ارتفاع مستويات الديون، وارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، وإعادة التوازن في الصين نحو الاستهلاك والابتعاد عن الاستثمار والصادرات. وعلى نحو هام، فإننا نتوقع أن يستمر هذا الاتجاه السلبي. ونظراً لدورها الحاسم في تدفقات التجارة العالمية، فإن تباطؤ استثمارات الأسواق الناشئة يشير إلى رياح معاكسة كبيرة للتجارة العالمية هذا العام.

وبشكل عام، على الرغم من أننا نتوقع حدوث انتعاش هذا العام، فإن نمو التجارة سيستمر في تسجيل أداء ضعيف مقارنة بمتوسطه على المدى الطويل، على خلفية التعافي المتواضع في قطاع التصنيع، وزيادة العوائق التجارية، وتباطؤ الاستثمارات في الأسواق الناشئة.

فريق QNB الاقتصادي
بيرنابي لوبيز مارتن*
مدير أول – قسم الاقتصاد
+974-4453-4643
لويز بينتو
نائب رئيس مساعد – قسم الاقتصاد
+974-4453-4642

*المؤلف المراسلإخلاء مسؤولية: تم إعداد المعلومات الواردة في هذه المطبوعة (“المعلومات“) من قبل بنك قطر الوطني (ش.م.ع.ق) (“QNB“) ويشمل هذا المصطلح فروعه وشركاته التابعة. يُعتقد بأن هذه المعلومات قد تم الحصول عليها من مصادر موثوقة، ومع ذلك فإن QNB لا يقدم أي ضمان أو إقرار أو تعهد من أي نوع، سواءً كان صريحاً أو ضمنياً، فيما يتعلق بدقة المعلومات أو اكتمالها أو موثوقيتها كما لا يتحمل المسؤولية بأي شكل من الأشكال (بما في ذلك ما يتعلق بالتقصير) عن أي أخطاء أو نقصان في المعلومات. يُخلي QNB بشكل صريح مسؤوليته عن كافة الضمانات أو قابلية التسويق فيما يتعلق بالمعلومات أو ملاءمتها لغرض معين. يتم توفير بعض الروابط لمواقع إلكترونية خاصة بأطراف ثالثة فقط لراحة القارئ، ولا يؤيد QNB محتوى هذه المواقع، ولا يعتبر مسؤولاً عنه، ولا يقدم للقارئ أي اعتماد فيما يتعلق بدقة هذه المواقع أو ضوابط الحماية الخاصة بها. ولا يتصرف QNB بصفته مستشاراً مالياً أو خبيراً استشارياً أو وكيلاً فيما يتعلق بالمعلومات ولا يقدم استشارات استثمارية أو قانونية أو ضريبية أو محاسبية. إن المعلومات المقدمة ذات طبيعة عامة، وهي لا تُعتبر نصيحةً أو عرضاً أو ترويجاً أو طلباً أو توصيةً فيما يتعلق بأي معلومات أو منتجات مقدمة في هذه المطبوعة. يتم تقديم هذه المطبوعة فقط على أساس أن المتلقي سيقوم بإجراء تقييم مستقل للمعلومات على مسؤوليته وحده. ولا يجوز الاعتماد عليها لاتخاذ أي قرار استثماري. يوصي QNB المتلقي بالحصول على استشارات استثمارية أو قانونية أو ضريبية أو محاسبية من مستشارين محترفين مستقلين قبل اتخاذ أي قرار استثماري. الآراء الواردة في هذه المطبوعة هي آراء المؤلف كما في تاريخ النشر. وهي لا تعكس بالضرورة آراء QNB الذي يحتفظ بحق تعديل أي معلومات في أي وقت ودون إشعار. لا يتحمل QNB أو مديروه أو موظفوه أو ممثلوه أو وكلائه أي مسؤولية عن أي خسارة أو إصابة أو أضرار أو نفقات قد تنجم عن أو ترتبط بأي شكل من الأشكال باعتماد أي شخص على المعلومات. يتم توزيع هذه المطبوعة مجاناً ولا يجوز توزيعها أو تعديلها أو نشرها أو إعادة نشرها أو إعادة استخدامها أو بيعها أو نقلها أو إعادة إنتاجها كلياً أو جزئياً دون إذن من QNB. وعلى حد علم QNB، فإنه لم تتم مراجعة المعلومات من قبل مصرف قطر المركزي أو هيئة قطر للأسواق المالية أو أي جهة حكومية أو شبه حكومية أو تنظيمية أو استشارية سواءً داخل قطر أو خارجها، كما لم يقم QNB بطلب أو تلقي أي موافقة فيما يتعلق بالمعلومات.

Liberta
[td_block_12 limit="2"]